القاهرة تلعب المواطنة دوراً مهماً في التنمية الاقتصادية، وزيادة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، كما تلعب دوراً مهماً في تنشيط الأسواق وجذب الاستثمارات الأجنبية، حال منحها لمستثمرين أجانب. وتشير الدراسة إلى أن متوسط دخل الفرد في البلدان التي تطبق قانون رابطة الأرض للحصول على الجنسية زاد بنحو 80 في المائة مقارنة بالدول التي تطبق قانون رابطة الدم، مؤكدة أن المواطنة الشمولية تدعم التنمية الاقتصادية.
ومع اتجاه الدولة إلى تعديل قوانين الجنسية لمنح الجنسية للمستثمرين، أصبح حلم الحصول على جنسية أخرى أمرًا يسيراً، فكثير من الدول باتت تعرض بيع جنسيتها مقابل استثمارات معينة، لأسباب كثيرة، أبرزها الوضع الاقتصادي أو بسبب حاجة هذه الدول لعمالة فنية مدربة وتخصصات نادرة، أو إيجاد ملاذ آمن للتهرب من الضرائب الباهظة في بعض الدول، وبحسب كثير من التقارير، فإن إجمالي الإنفاق السنوي على شراء الجنسيات حول العالم يقارب ملياري دولار.
ويشير باتريك أمير إمام، وكانغني بودار، الخبيران بصندوق النقد الدولي، إلى أن مفهوم المواطنة ظل يتطور مع مرور الزمن، فعلى مدار التاريخ، كان الانتماء في المعتاد لجماعة راقية أو سيد إقطاعي.
ومع ميلاد الدولة القومية في القرن التاسع عشر ظهرت الحاجة للتمييز بين الذين ينتمون للدولة والذين لا ينتمون إليها، ومن ثم كان من الضروري إيجاد أحد أشكال التمييز القانوني بين المواطنين والأجانب.
وقد وضعت معظم البلدان وقتئذ «قانونا للجنسية» أو لدى استقلالها، لا تزال مبادئه معمولا بها حتى الآن. ويحدد هذا القانون، في معظم الحالات، من هو المواطن وكيفية الحصول على حق المواطنة. ويتمتع المواطنون بحقوق مثل التصويت والقدرة على التنقل بحرية داخل البلد وأهلية العمل بأجر. وعليهم كذلك تحمل مسؤوليات مثل أداء الخدمة العسكرية ودفع الضرائب والتصويت.

المواطنة الحديثة

أما مفهوم المواطنة الحديث، فينطوي على رؤيتين متناقضتين. الرؤية الأولى، التي تقوم على إعلان حقوق الإنسان، هي رؤية شمولية تسمح بمنح الجنسية لأي شخص يستوفي شروطا معينة. والرؤية الثانية، وهي إقصائية بدرجة أكبر، تُعرِّف الوطن على أنه مجتمع يميل أكثر نحو العرقية. ورؤية الشمولية تنعكس في «قانون رابطة الأرض»، وهو المبدأ الذي ينص على حصول الطفل المولود، داخل إقليم بلد ما على جنسية هذا البلد بصورة تلقائية.
ووفقا لهذا المنظور، المتعارف عليه غالبا في العالم الجديد فإن أواصر المواطنة تمتد لأبعد من «رابطة الدم»، حيث يشمل أناسا من خلفيات وراثية وجغرافية متنوعة. يرسخ هذا الأمر لنظام شمولي، يضمن للقادمين الجدد وأطفالهم الاندماج في المجتمع وسهولة الحصول على المواطنة.
أما الرؤية الإقصائية، التي تنعكس في قانون رابطة الدم، فتقوم على مبدأ حصول الأطفال على جنسية آبائهم، بغض النظر عن مكان الميلاد، وهو الوضع السائد عادة في معظم أنحاء آسيا وأوروبا وبعض أجزاء من أفريقيا. ويتسم هذا النوع من المواطنة بزيادة التركيز على العرق وهو بطبيعة الحال أقل شمولية، المواطنة هنا تستمد معناها، إلى حد ما، من استبعاد غير المواطنين من الحصول على الحقوق والمزايا الأساسية. وفي مثل تلك الحالات قد ينتمي الفرد لأسرة عاشت في بلد ما لأجيال طويلة دون أن يصبح مواطنا في موطنه الأصلي.
وفي الوقت الحالي، هناك عدد متزايد من البلدان التي تعتمد قوانين المواطنة التي تشكل مزيجا من الرؤيتين.

برامج الجنسية

وكشف استطلاع رأي لشركة «CSGlobalPartners» سنة 2017 حول الحصول على جنسية ثانية، أن نحو 89 في المائة من البريطانيين يرغبون في امتلاك جواز سفر ثان. بينما أكد 34 في المائة منهم أنهم يرغبون في الاستثمار في الحصول على الجنسية الثانية. وأكد 80 في المائة من العينة رغبتهم في الاستثمار أو التبرع بنسبة 5 في المائة من رواتبهم السنوية للحصول على جنسية ثانية.
وتقدم الكثير من البلدان برامج الجنسية عبر الاستثمار، حيث يمكن للمال، الذي عادة ما يتم استثماره في العقارات، أن يشتري بالفعل جواز سفر ثانيًا. وهناك برامج أخرى تُعرف «بإقامة النخبة»، تقدم تأشيرة طويلة المدى مع امتيازات، مقابل القيام باستثمارات.
وقد صرح نوري كاتز، رئيس شركة Apex Capital Partners، وهي شركة استشارات دولية متخصصة في برامج الجنسية عبر الاستثمار، أن «امتلاك جواز سفر ثان أو ثالث يعد بالنسبة للكثير من الأثرياء مسألة مهمة تمكنهم من السفر».
وأضاف كاتز أنه فضلاً عن المزايا التي يتمتع بها هؤلاء الأشخاص عند السفر والمركز الذي يقدمه لهم امتلاك عقارات حول العالم، يسمح هذا البرنامج أيضًا لهؤلاء الأشخاص بإدارة أعبائهم الضريبية. وقال: «أصبحت الجنسية الثانية أكثر من مجرد الحصول على جواز سفر. فهناك مزايا معينة يمكن أن تتمتع بها عند استخدام الجنسية الثانية للإقامة في بلدان تكون فيها الأعباء الضريبية أقل مما هي عليه في المكان الذي تتواجد فيه حاليًا».
وفي باراغواي، تطلب السلطات فتح حساب بنكي وإيداع خمسة آلاف دولار فقط، أو شراء أرض، إذ تحصل بموجبها على الإقامة الدائمة، وبعد 3 سنوات من الإقامة المتواصلة، تحصل على جنسية باراغواي.
فيما وضعت السلطات البرازيلية شروطًا عدة للحصول على جنسيتها، يتطلب دفع 65 ألف دولار، على شكل استثمارات، أو شراء عقار، بالإضافة إلى الإقامة لمدة 4 أعوام.
أما الحصول على الجنسية الروسية، فيتطلب استثمار ما يقارب 165 ألف دولار، في أحد القطاعات الاقتصادية.
وتعرض السلطات الإسبانية الحصول على جنسيتها مقابل تسديد 160 ألف يورو، على شكل استثمارات في قطاع السكن والعقارات، وتساعد حامل الجنسية بالدخول إلى جميع دول الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى دول أخرى.
ووضعت السلطات السويسرية عدة شروط للحصول على الجنسية، من أبرزها، تسديد 250 ألف فرنك سويسري على شكل استثمارات، والإقامة 12 عامًا.
فيما يتطلب الحصول على الجنسية البريطانية استثمار ما لا يقل عن 500 ألف جنيه إسترليني، إلا أنه في الآونة الأخيرة، أعلن أن الحصول على الجنسية، يتطلب دفع استثمارات تصل إلى 200 ألف جنيه إسترليني، وبعد خمس سنوات، تمنحك السلطات الجنسية البريطانية.
كما يتطلب الحصول على الجنسية الأميركية استثمار 500 ألف دولار في أي منطقة، أو استثمار مليون دولار في المدن الكبرى.
وتعد الجنسية الفرنسية من أغلى الجنسيات حول العالم، حيث يتطلب دفع استثمارات تقدر قيمتها بنحو 10 ملايين دولار، والإقامة لمدة 10 سنوات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

عدوى الأزمة… فقاعة الأسواق الناشئة على وشك الانفجار

القاهرة يواجه عدد من دول الأسواق الناشئة أزمات مالية، وسط تعثر لعملاتها المحلية مقابل الدو…